15‏/04‏/2009

احذر كوبك الفارغ


إذا علمت بأن كل شاغر يمكن ملئه , هل سيعتريك الخوف ؟

انا أعتقد بأن ذلك شئ مخيف .

الكوب الفارغ يكون دائماً معرضاً للملء بأي شئ و من قبل أي أحد , هذا هوالمخيف في الامر , في غفلة منا يتسلل أحدهم ويملء كوبنا الفارغ ويمضي , و دون أن نعي نشربه ونظل بعدها نحيا مع ما جرى في عروقنا وأصبح جزءاً منا , قد نكون محظوظين إذا تم ملئه بشئ يفيدنا أو يسعدنا , لكن من يضمن حدوث هذا في كل مرة .

قد يكون الكوب الفارغ عقلك , قلبك , فكرك أو مبادئك...وهذه أشياء لا يحيا بدونها الانسان ..

لذا احذر كوبك الفارغ من و ما يملؤه .

حاول قدر المستطاع أن تغطي كوبك وأن تحميه , البعض يتخذ وسائل للذود عن كوبه الفارغ , كي يوهم الاخرين بانه ليس فارغاً أو انه مشغول بملئه.

وسائل الذود قد تكون : العنف – التأمل و التروي في التفكير - تأجيل ردات الافعال - كراهية كل ماهو جديد - النقد المستمر – الشك المستمر – الثقة العمياء – التوهم .

فالبعض يثق ثقة عمياء في شئ ما قد يكون (فكرة – مبدأ – مذهب – شخص ..الخ ) فقط ليمنع نفسه من التفكر مخافة أن يفرغ كوبه و يبدأ رحلة البحث , تلك الرحلة التي يخاف الناس من الوقوع في أفخاخها قبل الوصول الى مبتغاهم . والبعض ينتهج النقد المستمر مخافة أن يعجبه فكر أو رأي أو شخص . و هكذا كلُ يختار لنفسه الوسيلة التي يجيدها للدفاع عن كوبه .


راقب كوبك الفارغ ما سيملئه.

عندما يولد الانسان يكون كوباً فارغاً , يقوم والديه بملئه بأخلاقهما وطباعهما و مبادئهما . وتلك مسئولية جسيمة من مسئوليات الاباء والامهات , فما أن يكبر الابن ويخرج للحياة بعقله الفارغ و روحه الخالية من أي قيم و مبادئ , لن يظل عقله فارغاً مدة طويلة , لانه سيخالط الناس في الشارع والمدرسة و في كل مكان و سيتخذ له رفقة تصب أفكارها في كوبه الفارغ المستعد لتلقي أي شئ .


الكوب الفارغ إذا ما كان فـِكر فارغ فهو يمثل مربطاً سرِحاً تُقتاد الشعوب به , فكم من شعوب ساذجة بسيطة غرَّها فكر خاطئ تشربته و ضاعت الأجيال التالية من أجله .

أما إذا كان الكوب الفارغ قلبك , فيجب أن تنام نومة الذئب , بعين واحدة !

و أخيراً ...الكوب الممتلئ يجعل منك شخصاً مسيطراً على ذاتك و مبادئك , متحكماً بأفكارك وعواطفك , حتى و إن كان فارغاً تظاهر بغير ذلك حتى تملئه .





09‏/03‏/2009

بعض التفاصيل عن التفاصيل


الحياة تفاصيل صغيرة ..

تفاصيل حلوة و تفاصيل مرة

قد يعيش المرء في منزل واحد مع أشخاص لا يدري شيئاً عن تفاصيل حياتهم .

ابحث عمن يشاركك تفاصيل حياتك , فأنت بحاجة الى من يشعر بك و يفكر معك.

و إذا أردت ان تعيش حياة مشتركة سليمة , فلا تنأى بتفاصيل حياتك عن شريكك , و اعلم بأنه من لا يهتم بتفاصيل حياتك فهو قطعاً لا يهتم بك . أما الشريك المناسب فهو من يحلو لك مشاركته التفاصيل الخاصة بك .

المشاركة في التفاصيل هي عمق الحياة المشتركة , فإذا تجاهلتها ستظل راكداً على السطح .

إذا أحببت تفاصيل الآخر و وجدت متعة ً مستمرة بالاصغاء الى تفاصيله , فاعلم انه بدأ بسحبك معه الى العمق .

و هكذا فإننا يمكن أن نستعمل التفاصيل كمقياس لتفقد حال علاقاتنا المشتركة .

باب الرزق


بعكس غيرها تكون بعض الحوارات ذات شجون و فوائد , تستمتع برفقة أصحابها و تسعد بالاصغاء الى حكاياتهم . بينما كنا جلوس نتحدث أنا و بعض النسوة تطرقنا الى موضوع الرزق , و قد بادرتنا عمة لنا بشكوى ابنتها من الراتب الذي تتقاضاه في عملها , تشكو قلته , مستشهدة بذلك ضخامة مرتب مدراءها و المكافئات و السيارات الفارهة التي يتمتعون بها دوناً عنها وعن بقية الموظفين . كانت تتكلم بتعاسة , وتبدي بحنق رغبتها الملحة في ترك تلك الشركة والبحث عن مورد رزق يرفرف العدل فيه فوق رؤوس الجميع .

و في غمرة ثورتها تلك سألتها اختها الاكبر منها سناً و الاكثر حكمة " هل تشعرين بأنك ِ تتقاضين أقل من جهدك ؟ "

ردت عليها باندفاع بأنها تعرف مقدار مايتقاضاه مديرها و كم هو مبلغ ضخم وكيف انه يتمتع بميزات لا تتمتع بها هي وانه لديه ولديه ...

اعادت اختها السؤال بصرامة : " هل تشعرين بأنك ِ تتقاضين راتباً أقل من جهدك الذي تبذلينه في العمل ؟ "

قالت : لا.

قالت : فلا تنظري الى رزق أحد ولاتقارني نفسك بأحد , واحمدي الله على مارزقك ولا تشكي القلة فتسلب منكِ .


عند هذا الحد من الحوار ذكـَّرتنا إحدى الاخوات بقصةٍ رواها أحد الشيوخ حدثت معه , فبينما هو جالس أتاه رجل يشكو القلة , قال ياشيخي راتبي لا يوفي متطلبات المنزل والاولاد و ينفد قبل نفاد الشهر , فما أنا عامل و الحال على ماهو من ضيق ؟

قال له الشيخ .. تطلب المشورة فهل ستعمل بها ؟ .. قال أجل , قال فاذهب الى مديرك واطلب منه أن ينقص من مرتبك .

دهش الرجل لمشورة الشيخ لكنه أخذ عهداً على نفسه بتنفيذها , و ما أصعب ذلك , غير أنه فعل , وكان له ماطلب .

بعد مدة جاء الرجل الى الشيخ يشكو ضيق الحال ثانية وعدم استيفاء المرتب لمتطلبات عيشه واسرته, فأعاد الشيخ المشورة السابقة , وهكذا كان , و رجع الى الشيخ مرات عديدة و كانت نفس المشورة , فكان بعد كل زيارة للشيخ يطلب من مديره أن ينقص له راتبه فينقصه له !

و في يوم جاء الرجل الشيخ بشوشاً مسروراً و قال يا شيخي مرتبي كفاني أنا وعيالي وتبقى منه نصيب فتركته لوقت الحاجة .. قال له الشيخ .. هذا هو الراتب الذي تستحق , و ما ذهب منه كان زائداً عن حقك , فسلب البركة من كل مالك .

سبحان الله ...قصص الرزق عجيبة وغريبة , وتدعو للتفكر ... اليكم هذه أيضاً

كان هناك رجلان يبيعان اللبن في الحي , لاحظ أحدهما بأن عدد من يشتري منه اللبن أقل ممن يشتري من الرجل الاخر, فأصابه الغم , وذهب الى شيخ الجامع وشكا اليه ( لماذا يتجمع الناس على الرجل الاخر ويشترون منه كل مالديه من لبن , بينما لا يشتري مني إلا القليل من الناس ) ... فقال له الشيخ اذهب الى مالديك من لبن فاخلطه بماء .. تعجب الرجل من قول الشيخ وقال له .. أأغش يا شيخي ؟ ... قال له افعل ما ذكرت لك و عد فاخبرني ما يجري معك ...

في صباح اليوم التالي ... مزج الرجل اللبن بالماء وخرج للسوق .. كان يوماً غير مألوف بالنسبة له .. فقد ضج الناس اليه و ازداد مقدار ماباع وجنا الكثير من المال ...

عاد الى الشيخ و حكا له ... فتبسم الشيخ وقال ... أما من جائك اليوم يشري اللبن فماله حرام أو خالطه حرام , فذهبت به قدميه الى الحرام ليجيئك المال الحرام , وأما القلة التي كانت تشتري منك قبلاً فقد كانت فئة قليلة لكنها تأتيك بمال حلال لأن مالها من حلال .

14‏/02‏/2009

شبح ابتسامة


وصلت باكراً ذلك اليوم الى مقر عملي , أقود السيارة بهدوء وأجول بعيني باحثة عن ركن أصف السيارة فيه , لمحت سيارة قادمة , كانت سيارة زميلي في العمل , الزميل الممتعة صحبته , والد الطفلة الجميلة ذات الاربع أشهر , طفلته الوحيدة , أراني صورتها , ما اجملها , كان يحدثني عنها دائماً , كيف تلوح بذراعيها حين تشاهد التلفزيون , و حين أخذها للتطعيم وكيف أصابتها الحساسية جراء الابرة وكيف أنتشرت البقع الحمراء على بشرتها البيضاء الرقيقة ... فكرت و أنا أرى السيارة متجهة نحوي بأني سأحظى أخيراً برؤية الصغيرة الحلوة و ربما تسمح لي والدتها فأحملها بين ذراعي وادغدها فتمنحنى احدى ابتساماتها البريئة فتحول يومي الممل الرتيب الى صباح مشرق ,وفكرت أيضاً بأني لم ألتق بزوجة زميلي العزيز من قبل وهذه فرصة كي يعرفني بها , اقتربت السيارتان فلوحت بيدي لزميلي مرحبة وابتسمت له , مرت السيارة بجانبي مسرعة, شاهدتها تغدو في طريقها من خلال مرآتي الجانبية , لم يبادلني التحية كما كان يفعل في المرات التي كنا نلتقي فيها ويكون بمفرده , كان يوقف السيارة ويفتح نافذته ونتبادل التحية والاخبار السريعة عن العمل و ربما مزحة من هنا وهناك , كلا , هذه المرة و هو برفقة زوجته لم يتوقف ولم يفعل شيئا من ذلك ...

مهلاً ... أظنه فعل شئ ما ...أظنني لمحت شبح ابتسامة , أو ربما خيِل لي أني لمحتها

شكراً يا زميلي العزيز , يكفيني شبح ابتسامة

12‏/02‏/2009

المجتمع الاسفنجة


هو مجتمع له قدرة فائقة على الامتصاص , لا ينفك طول الوقت بشفط ما صادفه من ثقافات , فإذا امتلء أمكن عصره و افراغه من محتواه ليباشر الامتصاص من جديد !

و كما تعلم فإن الاسفنج حيوان مائي أعمي لا يبصر , لذا فإنه يستقبل بفتحاته الماء وماحواه من مخلوقات ومواد مختلفة لا يميز بينها , فيتغذى على ماناسبه منها ويتلفظ الباقي.

لكنني لا أرانا نتلفظ شيئاً من الثقافات الاخرى, فقد بتنا نرى سلوكيات غريبة تفرض نفسها في المجتمع رغماً عنه , و تتحول بسرعة من منكر الى شئ اعتيادي , تعودت عليه العين والاذن فلم يعد شاذاً ..

هكذا تتسلل القيم الدنيئة الى النفس البشرية ...شيئاً فشيئاً



04‏/02‏/2009

القضية منهو بيها ؟ - حوار


- خيرك متكنطي يا راجل ؟
- اماليا شادين فيا يبوني نتزوج
- باهي وانت شن رايك ؟
- مش وقتها
- وامتة وقتها ؟
- مش توة
- امتة يعني ؟
- لما نحدد موقفي
- موقفك من شنو ؟
- من الحياة !
- باهي انت شن تبي بالزبط من الحياة ؟
- الوضع مش عاجبني , كل شي لازم يتغير
- وانت اللي بتغيره ؟
- ........
- باهي وشن دخل الزواج في التغيير اللي تبيه يصير ؟
- الزواج والمسئوليات والصغار بياخدو كل وقتي , واني مش فاضي
- علاش انت شن ادير بعد الخدمة ؟
- شي
- يعني فاضي باش تفتح حوش
- انت مش فاهم
- فهمني
- مانبيش نولي زيهم
- زي شكون ؟
- زيهم كلهم
- كيف زيهم ؟
- زيهم يعني راجل صاحب عيلة عنده طزينة صغار وكرشته قدامه وبدلة عربية وشبشب صبع ومروح القايلة شاد دلاعة في ايده بيفرح بيها الصغار ..
- عمي الحاج قصدك ؟
- ايه
- يا صاحبي كل اللي كان عندهم قضايا تزوجو و ربو صغارهم ومانسوش قضيتهم
- لازم الواحد يضحي
- معاك , لكن يضحي يولي عنده عيلة مقابل شنو ؟
- ........
- نعم ؟ ماسمعتكش ؟
- .......

28‏/01‏/2009

العيش سدى


لا أسوأ من أن تضع رأسك على الوسادة في آخر النهار و تسأل نفسك ماذا فعلت اليوم فتجيبك ....... لا شيء

لا أسوأ من أن تعيش حياة ترفضها , تمقتها , تحلم بغيرها ...

هذا يشبه تماماً أن تدرس تخصصاً لا تحبه , أو أن ترتبط بشخص لا ترغب به , أو أن تعمل بوظيفة تتمنى لو كانت إنساناً فتقتله ,

ما بالك لو تجمع أكثر من شيء ترفضه في حياتك و أثقل كاهلك طوال عيشك ,

ستكتشف عندها أنك تعيش لهدف واحد .. وهو تحقيق أهداف الاخرين ... ستكتشف بأنك مجرد آلة مهمتها تلبية رغبات الاخرين .

قد يصل بنا الحال الى عيش يوميات مجنونة , سر جنونها التناقض الذي تحمله لنا كل يوم , التناقض الذي يضرم النار في صدورنا منذ الصباحات المشرقة لكل يوم , وما يزيد من تأججها ضرورة إظهار العكس تماماً , فبينما تعيش التناقض في نفسك الدفينة يجب أن تبدو في أحسن حال وأن لا يرى الاخرين منه شيئاً , لا يجب أن يروا منك سوى الاستقرار والتوازن والتبسم ...

كيف يمكن أن يتوازن إنسان يختلف مابداخله عما خارجه و يظهر عكس مايبطن , كل يوم ,كل يوم .

لا شك بأن هذا الكم من التناقض يؤدي في نهاية الامر الى حدوث تمزق في النفس البشرية نتيجة الشد المضاد بين الواقع المعاش والمرغوب به ,

لكنني لا أعرف كيف هي اعراض هذا التمزق ...